بسمِ الله الرّحمن الرّحيم ~ الَسـلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،





҉ أيّها البلبُل



من أروعِ وأجملِ وأحلى ما أنشدَ أبو الجود ، ولا تروعني مجازفة المُبالغة حين َ أقول أنها من أجمل الأناشيد الإسلامية التي عبرت من ردهات أذني ، - صدقًا- لم أجدَ للآن عملا إسلاميّا فنيّا محضًا يتوازي وَسِحرها ( لحنًا ، كلمات ،اداء )


هوَ لَحن جليّ خفيّ تظهر فيه براعة الصوت ومقاماته بطريقة مُدهشة مشدِهَة ، ليست بالجديدة بل من أساطير النشيد القَديم والذي أستلذّه ويستسيغة قلبيَ الصادي .




معنى النشيد به نوع من الإبتكار وفذاذة في إيصال فكرة ، يعانق وجدانها بعض جماليّات اللغّة تحوي فلسَفة عريقَة وهمسات معتّقة ، ونسمات عليلة


أحببت طرح َ هذا الموضوع ليس لوضع رابط لنشيد فقَط ، بل لكتابة " شبه دراسة " عن هذه الباذخة ..



•·.·°¯`·.·•



وأؤكد " أن النشيد خاصة راقَ لي ً بإداء أبو الجود لأن المنشد المبدع أيمن الحلاق قام بإنشادها أتبعه به أسامةالصّافي .. لكنها لا ترقى أبدًا - رغم جمالها- لجبلية صوت أبو الجود ، وقيادة صوته ببراعة فنان .. !عندما يتجلى في هذه المعاني الكبيرة التي لا يدانيه فيها قديم أو جديد .







http://www.youtube.com/watch?v=6bUuLQgiASM&feature=related




•·.·°¯`·.·•






في بداية التسجيل يرتل الآية الكريمة :



{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ َأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }



.



.










҉ أيّهـا البلبل ُ إنـا أخوَان : بيدَ أنّ يا أخي مختلفان



أنت تحيا لتغني .. و أنا أجرع الصبر وأجترّ الهوان !




مقارنة مفارقة بَديعة والتي تشدّ السامع لأن يعرف ماهيّة الإختلاف الذي سـَ يتحدث عنه


يبدأ النشيد بطريقة هادئة وراقيّة ثم يعلو بشكل لا يلاحظ في قولهِ أخوان " كتدرج في الصَوت " والمدّ في " أخي يعطي لحنًا عائما ..



- أنا أجرع الصبرَ وأجترّ الهوان


من ناحية أدبيّة ، مُسرفة بحد العطاء ، تركيبة قويّة


هنا ما زال النشيد يسير على نسق مستقيم

أيها البلبل -----> أجتر الهوان




҉ قلبك الوردي لحن ساحر ..




يعطي أفضليّة للبلبل ، تتناسب مع بداية الأبيات أعلاه ،



يغيّر طبقات صوتِهِ في قوله قلبك الورد وأخاله وأظنّ أنه مقام الرِسِت .







҉ الآن ينتقل إلى رائعة الرائعة وأجمل مقطع يروق لي لحدِ يتخطى كل حَد : )


وفؤادي فيه نار و دخان ..وإذا ما غـاب في جوف الثرى .. جسدانا و تخطانا الزمان ..صرت ذكرى أو تراباً أو نسيماً أو صدىً يتهادى في الجنان وأخوك البرّ في أكفانه .. يمضغ الآلام آناً بعد آن !



يدخل بقوّة فذّة لفرع النهاوند وينتقل لمقام ٍ وآخر عنما تقتضي الحاجة .. " أنه الإبداع وربّي " ، والصوت فيها كماء عذب عّذب .. !




المفارقة هُنـا خالدة .. بعد الموت والبرزخ البلبل يحول لذكرى أو ترابًا أو تسيما في جنان الخلد ، وهو في الكفن . وآهٍ حينها من البزخ ..



ينتقل الان لموقع حَرج المعاني يحوي رَهبة ً يستشعرها السامع بالخوف من الملكين..




҉ ثم ماذا آه



من ماذا إذا عادت الروح وجاء الملكان


كيف؟


ماذا؟


ما الذي
أنى؟


وهل؟
أبلطف أم بعنف يسألان ..!؟

المدّ في مآذا آهِ من ماذا إذا .و أستشعر وكأنها كلمة واحدة .. يصلها بكلمة " كيفَ ماذا " ..
- في غدٍ هذا فـآهـ من غد ..و أرى بعد غدٍ مُر البيان ..


الوثبة النونيّة في البيان " تضفي على النشيد حلاوة ، مع العلم أن حرف النون له وزنه الموسيقى الذي يضفى لحنًا مميّزًا كذلك .



ننتقل الآن إلى رائعةُ الرائعة الثانيه في النشيد بعدَ " وفؤادي فيهِ نَار ٌ"




ليتني كنتُ جماداً ..ليتني كنتُ وهماً ليس يحويه مكان !


ينشد كلمة ليتي بحزنٍ طاغٍ ويتبعها ليتني كنتُ وهمًا ،
أبجديّة الحزن تسيطِرعلى فوّهة الصوت .. فيغدو النتاج ُأحاسيسًا تتغنّى والقلبُ معنّى .. !
ليَتَني يـ يـ يـ كنتُ جمادًا الجملاية تقع في تقسيم الحرف إلى ثلاثًة مع الجودِ والإتقان .


إنني يارب عبد آثم .. فاحبني يا رب بعضاً من أمان ..


مسك الختام بمسك هذه الجملة ..








يا سلام على الفنّ الأصيل ، هي أنشودة خالدة ٌ ستبقى - وفق رأيي







أطيب المُنى

المشكاة








Comments (2)

On 3 يونيو 2009 في 1:45 م , مرام يقول...

مشكاةُ الطيبِ والعنبر،

ما أجمل نسجك وما أرحب فهمَك ..

بارك الله فيكِ على هذه المبادرة، ففيها ما يلفِتُ السامع إلى جوانب لا يراها إلا ذوي الأذن الانشادية أمثالك

فكري بجد أن تكتبي قصائدا غنائية انشادية ... أرى انها سنتجح بلا شك

محبتك ...

 
On 5 يونيو 2009 في 4:14 ص , Gardenia ~ يقول...

فلسفةٌ عالية
وقراءةٌ عميقة في الإنشودة

رائعة كما دائماً (=